كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال أبو جعفر وقد بينا قول من يرجع إلى قوله من أهل الحديث والروايات وأهل اللغة المحققون على قولهم قال أبو إسحاق يبعد أن يقال ضربتك لولا زيد وهممت بك لولا زيد وإنما الكلام لولا زيد لهممت بك فلو كان ولقد همت به ولهم بها لولا أن رأى برهان ربه لجاز على بعد وإنما المعنى لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به وقال بعض اهل اللغة المعنى وهم بدفها.
37- وقوله جل جلاله: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} (آية 24) السوء خيانة صاحبه والفحشاء ركوب الفاحشة حدثنا احمد بن محمد الأزدي قال نا محمد بن إبراهيم بن جناد قال نا الحسن بن عبد العزيز الجروي قال حدثني أبو مروان واثنى عليه خيرا قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر في قول الله جل وعز: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} قال السوء الثناء القبيح والفحشاء الزنا.
38- وقوله جل وعز: {واستبقا الباب} (آية 25) قال قتادة يعني يوسف وامرأة العزيز.
39- وقوله جل وعز: {وألفيا سيدها لدى الباب} (آية 25) أي صادفاه فحضرها عند ذلك كيد فقالت: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم}.
40- وقوله جل وعز: {وشهد شاهد من أهلها} (آية 26) قال أبو هريرة تكلم ثلاثة في المهد صاحب يوسف وعيسى صلى الله عليه وسلم وصاحب جريج وروى شريك عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال كان صبيا في البيت أو قال في المهد شك شريك وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو صبي في البيت وقال هلال بن إساف: تكلم ثلاثة في المهد أحدهم صاحب يوسف وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رجلا ذا لحية وقال سفيان عن جابر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه قال كان من خاصة الملك وقال عكرمة لم يكن بصبي ولكن كان رجلا حكيما وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال كان رجلا وروى أبو عاصم عن المثنى عن القاسم: {وشهد شاهد من أهلها} قال قميصه وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وشهد شاهد من أهلها} قال قد القميص الشاهد والقد في اللغة القطع.
41- وقوله جل وعز: {قال أنه من كيدكن} (آية 28) المعنى إن قولك ما جزاء من أراد بأهلك سوءا من كيدكن ثم قال: {يوسف أعرض عن هذا} أي لا تفشه.
42- ثم قال تعالى: {واستغفري لذنبك} (آية 29) ويروى أنه كان قليل الغيرة.
43- وقوله جل وعز: {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا} (آية 30) وروى معاوية بن أبي صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال شغفها غلبها وروى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال دخل تحت شغافها قال أبو جعفر والقولان يرجعان إلى شيء واحد لأن الشغاف حجاب القلب فالمعنى وصل حبه إلى شغفاها عبد فغلب على قلبها قال الشاعر:
وقد حال هم دون ذلك داخل ** دخول الشغاف تبتغيه الأصابع

وقد قيل إن الشغاف داء وأنشد الأصمعي للراجز:
يتبعها وهي له شغاف

وروي عن أبى رجاء وقتادة أنهما قرءا قد شعفها حبا بالعين غير معجمة وبفتحها قال أبو جعفر معناه عند أكثر أهل اللغة قد ذهب بها كل مذهب لأن شعفات الجبال أعاليها وقد شعف بذلك شعفا بإسكان العين أي أولع به إلا أن أبا عبيد أنشد بيت امرئ القيس:
أيقتلني وقد شعفت فؤادها ** كما شعف المهنؤة الرجل الطالي

قال فشبهت لوعة الحب وجواه بذلك وروي عن الشعبي انه قال الشغف حب والشعف جنون.
44- وقوله جل وعز: {فلما سمعت بمكرهن ارسلت إليهن} (آية 31) يقال كيف سمى هذا مكرا فالجواب فيه أنها أطلعتهن واستكتمتهن فأفشين سرها فسمي ذلك مكرا.
45- وقوله جل وعز: {وأعتدت لهن متكأ} (آية 31) روى سفيان عن منصور عن مجاهد قال المتكأ مثقلا الطعام والمتك مخففة الأترج وروى إسماعيل بن إبراهيم عن أبي رجاء عن الحسن قال المتكأ الطعام وروى معمر عن قتادة قال المتكأ الطعام وقيل المتكأ كل ما اتكئ عليه عند الطعام أو شراب أو حديث وهذا هو المعروف عند أهل اللغة إلا أن الروايات قد صحت بذلك وحكى القتبي أنه يقال اتكأنا عن فلان أي أكلنا وقد قيل إن المتك الزماورد وقيل يقال بتكه إذا قطعه وشقه فكأن الميم بدل من الباء كما يقال لازم ولا زب في نظائر له كثيرة.
46- وقوله جل وعز: {فلما رأينه أكبرنه} (آية 32).
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أعظمنه قال أبو جعفر وهذا هو الصحيح ومن قال حضن فقد جاء بما لا يعرف وحضن لا يتعدى والمعنى هالهن فأعظمنه.
47- ثم قال جل وعز: {وقطعن أيديهن} (آية 31) روى ابن أبى نجيح عن مجاهد قال حزا بالسكين يريد مجاهد أنه ليس قطعا تبين منه اليد إنما هو خدش وحز وذلك معروف أن يقال إذا خدش الانسان يد صاحبه قد قطع يده.
48- ثم قال جل وعز: {وقلن حاش الله} (آية 31) قال مجاهد أي معاذ الله والذي قال حسن واصله من قولك فلان في حشا فلان أي في ناحيتا فإذا قلت حاشا لزيد فمعناه تنحية لزيد وحاش لله أي نحى الله هذا من هذا.
49- ثم قال جل وعز: {ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم} (آية 31) وقرئ {ما هذا بشرى} أي بمشترى والأول أشبه لأن بعده إن هذا إلا ملك كريم ولأن مثل بشرى يكتب في الصحف بالياء.
50- وقول جل وعز: {ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} (آية 32) معنى فاستعصم فامتنع وقوله جل وعز: {قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه} (آية 33) روي ان الزهري قرأ {قال رب السجن أحب إلي} ومعناه أن أسجن أحب إلي ومن قرأ بالكسر {السجن} فمعناه عنده موضع السجن أحب إلي مما يدعونني إليه.
51- ثم قال جل وعز: {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين} (آية 33) يقال صبا إلى اللهو صبوا وروى الفراء صبأ إذا مال إليه ثم قال تعالى: {فاستجاب له ربه} (آية 34) فحمله على المعنى لأن في كلامه معنى الدعاء وإن لم يذكر دعاء.
52- وقوله جل وعز: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} (آية 35) قال مجاهد يعني قد القميص وقال قتادة يعني قد القميص وحز الأيدي ثم بين الذي بدا لهم فقال جل وعز: {ليسجننه حتى حين}.
53- وقوله جل وعز: {ودخل معه السجن فتيان} (آية 36) يجوز أن يكونا شابين وأن يكون شيخين والعرب تستعمل هذا.
54- ثم قال جل ذكره: {قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا} (آية 36) في هذا أقوال منها أن الخمر هاهنا العنب ومنها أن المعنى عنب خمر ومنها أن يكون مثل قولك أن أعصر زيتا أي أعصر ما يؤول أمره إلى الزيت كما قال:
الحمد لله العلي المنان ** صار الثريد في رؤوس العيدان

وإنما يعني السنبل فسماه ثريدا لأن الثريد منه وهذا قول حسن.
والأول أبينها وأهل التفسير علي حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني أحمد بن سعيد قال وهب بن جرير عن أبيه عن علي بن الحكم عن الضحاك في وقوله: {إني أراني أعصر خمرا} قال فالخمر العنب وإنما يسمي أهل عمان العنب الخمر.
55- ثم قال تبارك وتعالى: {وقال الآخر إني أحمل فوق راسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين} (آية 36) في هذا قولان أحدهما إنا نراك تحسن تأويل الرؤيا والقول الآخر يروى عن الضحاك أنه كان يعين المظلوم ويعود المريض وينصر الضعيف ويوسع للرجال فحاد عن جوابهما إلى غير ما سألاه عنه فقال لا يأتيكما وفي هذا قولان:
أحدهما أن ابن جريج قال لم يرد أن يعبر لهما الرؤيا فحاد عن مسلئتهما أبي فلم يتركاه حتى عبرها وقال غيره اراد ان يعلمهما انه نبي وأنه يعلمها بالغيب فقال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ويروى أن الملك كان إذا أراد قتل إنسان وجه إليه بطعام بعينه لا يتجاوزه.
56- ثم أعلمهما أن ذلك العلم من عند الله لا بكهانة ولا تنجيم فقال: {ذلكما مما علمني ربي} ثم أعلمهما أنه مؤمن فقال: {إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله} (آية 37) ثم قال بعد ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ذلك من فضل الله علنا أن جعلنا أنبياء وعلى الناس أن بعثنا إليهم رسلا.
57- ثم دعاهما إلى الإسلام بعد فقال: {يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الل الواحد القهار} (آية 39).
58- وقوله جل وعز: {يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا} (آية 41) أي يكون على شراب الملك قال عبد الله بن مسعود لما عبر لهما الرؤيا قالا ما رأينا شيئا فقال قضي الأمر الذي فيه تستفتيان وقال أبو مجلز كان أحدهما صادقا والآخر كاذبا فقال قضي الأمر الذي فيه تستفتيان أي وقع على ما قلت حقا كان أو باطلا.
59- وقوله جل وعز: {وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك} (آية 42) قال مجاهد عند الملك وذلك معروف في اللغة أن يقال للسيد رب قال الأعشى:
ربي كريم لا يكدر نعمة ** وإذا تنوشد بالمهارق أنشدا

60- وقوله جل وعز: {فأنساه الشيطان ذكر ربه} (آية 42) قال مجاهد فأنسى يوسف الشيطان ذكر ربه أن يساله ويتضرع إليه حتى قال لأحد الفتيين اذكرني عند ربك وروى إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لولا كلمة يوسف يعني قوله اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث قال ثم يبكي الحسن ويقول نحن ينزل بنا الأمر فنشكوا ما إلى الناس.
61- وقوله جل وعز: {فلبث في السجن بضع سنين} (آية 42) روى معمر عن قتادة قال يعني أنه لبث في السجن سبع سنين وقال وهب اقام أيوب في البلاء سبع سنين وأقام يوسف في السجن سبع سنين قال الفراء ذكروا أنه لبث سبعا بعد خمس سنين بعد قوله اذكرني عند ربك قال والبضع ما دون العشر قال الأخفش البضع من واحد إلى عشرة وقال قتادة البضع يكون بين الثلاث والتسع والعشر وهو قول الأصمعي قال العتبي قال أبو عبيدة ليس البضع العقد ولا نصف العقد نذهب إلى أنه من الواحد إلى الأربعة وقال قطرب البضع ما بن لثلاث إلى التسع قال أبو جعفر قيل اصحهما قول الأصمعي لأن داود بن هند روى عن الشعبي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رحمه الله حين خاطر قريشا في غلبة الروم فارس فمضى ست سنين وقال أبو بكر سيغلبون في بضع سنين فقال النبي صلى الله عليه وسلم كم البضع فقال ما بين الثلاث إلى التسع فخاطرهم أبو بكر وزاد فجاء الخبر بعد ذلك أن الروم قد غلبت فارس.
62- وقوله جل وعز: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف} (آية 43) والعجاف التي قد بلغت النهاية في الهزال ومعنى عبرت الرؤيا أخرجتها من حال النوم إلى حال اليقظة مأخوذ من العبر وهو الشاطئ.
63- وقوله جل وعز: {قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين} (آية 44) روى معمر عن قتادة أي أخلاط والضغث عند أهل اللغة كذلك يقال لكل مختلط من بقل أو حشيش أو غيرهما ضغث أي هذه الرؤيا مختلطة ليست ببينة.
64- وقوله جل وعز: {وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمه} (آية 45) روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وسفيان عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس بعد أمة بعد حين روى عفان عن همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ {وادكر بعد أمه} والمعروف من قراءة ابن عباس وعكرمة {وادكر بعد أمة} وفسراه بعد نسيان والمعنيان متقاربان لأنه ذكر بعد حين وبعد نسيان.
65- ثم قال تعالى: {أنا أنبئكم بتأويله} (آية 45) أي أنا أخبركم وقرأ الحسن {آتيكم بتأويله} وقال كيف يبئهم لا العلج قال أبو جعفر ومعنى أنبئكم صحيح حسن أي أنا أخبركم إذا سألت.